الحداثيين
العناصر
- مـــــــــــــــا قــــــــــبل الــــــــــحداثــــة
- التــــــــــــعريــــــــــف بالـــــــــحداثــــة
- مــــــــــــــن أفــــــــكار الـــحداثيـــــــين
- الـــــــرد علـــــى أفــــكار الــــحداثيـــين
- الحداثيين والـــقرآن الكريــم تقرير المسألة والرد عليها
- الحداثيين والفقه الإسلامي تقرير المسألة والرد عليها
ما قبل الحداثة
كانت السيادة في العصور الوسطى للدين (النص) وكان هو الذي يوجه السلوك الإنساني وينظم الجماعات والدين هناك (في المجتمع الأوروبي) كان المسيحية البابوية، حيث إن المتحدث باسم الله والمفسر للكتاب المقدس هو البابا وأعضاء مجلسه من الطبقات الروحية الكبرى، ومن يخالف هذه التعاليم يتعرض للعقاب من الكنيسة وقد عقدة الكنيسة مجمعها الثاني عشر المسمى بالللاتيراني المنعقد سنة 1215م يقرر استئصال الهراطقة (كل من يرى رأيا مخالفا للكنيسة) ولو كان في الكون وطبائع الأشياء، وظهرت محاكم التفتيش ولقد حرق وعذب علماء بسبب مظالم تلك الكنيسة، حتى إن يوحنا هوس مصلح كنيسة بوهيميا ورفيقه جيروم لم يسلموا من قرر الكنيسة بالحرق عندما نادوا بإصلاح حال البابوات، بل إن الكنيسة فرضة سلطانها على الملوك، حتى ظهرت الدعوات الهادئة إلى إصلاح الكنيسة وكان أشدها ظهورا صوت أرزم فلم تفد هذه الدعوات فائدتها، ثم ظهرت الدعوات النقدية العنيفة ومن أشد من ظهر من أولئك مارتن لوثر وزنجلي وكلفن، فـ مارتن لوثر ثار على الكنيسة لإصلاحها وسمي أتباعه البروتستانت أي المحتجون، وكلفن أخذ يعمل على نشر مبادئ المذهب البروتستانتي وينظمها بعد موت لوثر وكلفن هو الذي رتبها على شكلها الأخير، أما زنجلي فبدأ ثورته على صكوك الغفران كما بدأ لوثر وأنصاره هم الكاثوليك، ثم توالت الثورات على الكنيسة إلى أن حصروها في دور العبادات فقط، وظهرت عبارات مثل ” دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله “، وتوالت ظهور الحركات الفكرية والعلمية المتحررة من نطاق الدين إلى أن ظهرت الحداثة.
التعريف بالحداثة
هي أحد المذاهب الفكرية التي هيمنة على العقول الأوروبية وقد ظهرت مع ظهور التنويريين في النصف الثاني من القرن الثامن عشر بعد الثورة الفرنسية ولا يقصد بها إلا إبعاد الدين عن مجال التوجيه، وإحلال العقل محله، فما يراه الناس مصلحة فهو مقصد الشرع عند الحداثيين فالحداثيين يرفضون التبعية لأي شيء باستثناء العقل حتى الإله وما أنزل من شرائع وما أرسل من رسل.
من أفكار الحداثيين
يقول حسن حنفي ” لن نصل إلى عصر التنوير إلا إذا جعلنا للعقل سلطانه دون سلطة الكتاب، أو سلطة التقاليد الموروثة.” [حسن حنفي / الدين والثورة في مصر (2/52)]
ويقول محمد سعيد العشماوي “إن شريعة الإسلام ومنهج القرآن لا يمكن أن يكونا قد قصدًا إلا الإنسان. ولقد خُلِقَ النصُّ للإنسان، ولم يُخلَق الإنسان للنص، وحبس الإنسان في نص والروح في لفظ والحياة في قاعدة أمر غريب عن الطبيعة ومضاد لروح الإسلام.
[محمد سعيد العشماوي / كتاب أصول الشريعة / مكتبة مدبولي الصغير/ الطبعة الرابعة: 1416هـ – 1996م / ص: (181)]
الرد على أفكار الحداثيين
أقول: إن الوحي من عند الله والعقل أيضا من عند الله، ولكن العقل لا يستطيع أن يصل إلى كل شيء، فإدراك العقل محدود بحدود ما يتصوره وما مر به من تجارب ولا يستطيع الخروج أبعد من ذلك، فالإنسان لا يستطيع تصور أي شيء من عالم الغيب، بل إن الإنسان لا يستطيع تصور روحه فكيف ينصب نفسه لقيادة الكون وإخضاع الشريعة لما يتصور صحته، وإذا قلنا إن العقل يستطيع معرفة كل شيء وهذا محال كما بينت فما الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب؟ أضف إلى ذلك أن الشريعة لم تهمل العقل ولكن وضعت له ضوابط وقد قال ربنا -عز وجل {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} فجعلت عقل المتخصص يجتهد في تخصصه.
وقد قال الإمام الشاطبي -رحمه الله- “إن المصالح التي تقوم بها أحوال العبد، لا يعرفها حقّ معرفتها إلا خالقها وواضعها، وليس للعبد بها عالمٌ إلا من بعض الوجوه، والذي يخفى عليه منها أكثر من الذي يبدو له. فلهذا بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.” [الشاطبي/ الموافقات (1/349)]
الحداثيين والقرآن الكريم تقرير المسألة والرد عليها
من العجيب أن يتفاخر الجاهل بجهله ويتبجح الفاجر بفجره، صدق رسول الله ﷺ إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت، وهذا الشحرور أطل علينا من قناة روتانا خليجية يستعرض نموذجا تطبيقيا على منهجه فيقول في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران: 14).
يقول إنّ الآية تتحدث عن “متاع”، يعني أشياء وحاجات وليس عن مخلوق عاقل، وينكر بذلك أن يكون معنى “نساء” جمع امرأة، وإنما يزعم أنّ النساء هنا جمع “نسيء”، أي التأخير، ومن ثمّ يصبح المعنى: الأشياء المؤخّرة، أي الأشياء الجديدة المحبوبة للناس، أي الموضة.
ويقول شحرور إنّ الآية فيها خبر عن جميع الناس، وليس العرب خاصة، ويجب أن يكون خبر الله صادقًا، ومن ثم يجب أن يتطابق قول الله مع حال العالم اليوم، والشيء الجديد محبوبٌ من قبل كل الشعوب، ومن ثم يكون معنى “النساء” عنده أي جمع نسيء، أي الأشياء المؤخَّرة، أي الأشياء الجديدة!
الرد
أولا: هذا تكلّف مثير للضحك، ومخالفا للمنهج العلمي في فهم القرآن، فلا يوجد في اللغة العربية اسم النِّساء -بكسر النون-: مشتق من “نسأ” أي “تأخر”، ولا تطلق على الأمتعة بهذا اللفظ، ولكن الاسم من “نسأ” هو: (النَّساء – بفتح النون).
قال العلامة ابن منظور في لسان العرب: “نَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه: أَخَّره والاسم النَّسَاءُ -بفتح النون-، أما النِّساء -بكسر النون- فهي بمعنى: النِّسْوةُ والنُّسْوة، بالكسر والضم، والنِّساء والنِّسْوانُ والنُّسْوان: جمع المرأَة من غير لفظه.
وقد يطلق في لغة ضعيفة “النَّـساء: بكسر النون” بمعنى التأخير: وهو جمعُ امرأة، ويقصد به المرأة التي تأخر حيضها وبدأ حملها، حيث قال العلامة الزَّبيدي في “تاج العروس”: (يقال: امرأَةٌ نَسُوءٌ ونَسْءٌ، ونِسوةٌ نِسَاءٌ، أَي تأْخَّر حَيْضُها ورُجِيَ حَبَلُها)،
وكذا في “لسان العرب” (نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها فهي: نَسْءٌ، ونَسِيءٌ، والجمع: أَنْسَاءٌ، ونُسُوءٌ، وقد يقال: نِساءٌ نَسْءٌ على الصِّفة بالمصدر)
وهذا الإطلاق “النَّـساء: بكسر النون” على ضعفه خاص بالمرأة، ولا يطلق ذلك على الأشياء من الأمتعة وغيرها كما يزعم محمد شحرور.
ثانيا: قد أطلق رسول الله ﷺ لفظ المتاع على المرأة فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: “الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ” [رواه مسلم] وليس هذا انتقاص من المرأة، ولكن هذا مما تتميز به المرأة.
ثالثا: ذكر المرأة مع الذهب والفضة والخيل والأنعام والحرث ليس انتقاص من شأنها فقد ذكر البنين مع هذه الأصناف، ولكن هذا لإثبات حقيقة نفسية وغريزة إنسانية، ألم تروا أن ربنا ذكر الساجدين له مع الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب حيث قال -عز وجل-:”أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ” هل هذا انتقاص من عباد الله الذين سجدوا له دون غيره؟ ليس انتقاصا ولكنه مفخرة لهم.
الحداثيين والفقه الإسلامي تقرير المسألة والرد عليها
يزعم عبد المجيد الشَرَفِي في كتابه (مرجعيات الإسلام السياسي) أن المقاصد تفرض قواعد جديدة فيرى أن الصوم يمكن تعويضه بإطعام المساكين والصلاة يمكن تحريرها من مواقيتها الأصلية بما يوافق أعمال الناس ومصالحهم والزكاة يمكن أن تتخذ نموذج الضرائب العصرية والحج يمكن أن يوزع على الأشهر الحرم.
يقول: “صوم رمضان لم تنص عليه إلا مجموعة من الآيات في سورة البقرة من الآية 184 إلى الآية 187 وهذا الآيات فيها نص صريح على أنه يمكن للمسلمين أن لا يصوموا وأن يعوضوا الصوم بإطعام مسكين أو مسا كين. تقول الآية «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ»، أي على الذين يطيقون الصوم ولكن لا يصومون فدية تتمثل في إطعام مسكين“ ويقول “حصل تأويل غريب بالنسبة إلى من ينظر في هذه المسألة بتجرد وهو أن الفقهاء اتفقوا على أن معنى «يطيقونه» هو «لا يطيقونه»“
ويضيف قائلا “وحين ننظر في التفاسير القرآنية نلاحظ أن الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في (التحرير والتنوير) ينص صراحة على أن منع التخيير بين الصوم والإطعام إنما كان بالإجماع، لا عن طريق النص بل لأن علماء المسلمين أجمعوا على ذلك أي هي عملية بشرية لا فرض إلهي“
ويقول: “كانت الأحكام التي سنها الفقهاء صالحة للمجتمعات ذات النمط الإنتاجي التقليدي، التي يمكن فيها للإنسان أن يعمل في الليل وينام في النهار خلال شهر رمضان، وكما هي صالحة للمجتمعات التي تعيش في مناطق من الكرة الأرضية لا يتفاوت فيها الليل والنهار كثيرا في الطول… وفي شمال الكرة الأرضية يكون النهار في الصيف طويل جدا بينما هو في الشتاء قصير وقصير جدا” ويضيف “ورغم ذلك فإن الفقهاء يقولون إن هذا الصوم ينبغي أن يكون من طلوع الفجر إلى غياب الشمس. أي أن الفقهاء المسلمين يرفضون في الحقيقة التكيف مع الأوضاع الجديدة“
[عبد المجيد الشَرَفي/ كتاب: (مرجعيات الإسلام السياسي) / الطابعة الأولى: 2014 / الناشر: التنوير للطباعة والنشر / ص (78 إلى 86)]
الرد
أولا: هذه نظرة تأليهية للإنسان وافدة، تنسلخ من النصوص الشرعية التي شرعها الله لتحقيق مصالح العباد؛ لأجل مصلحة مزعومة، وهذا ما يمارسه الحداثيين طوال الوقت، ويؤرِّقهم تمسك المجتمعات الإسلامية بدينهم وأخلاقه.
هل الحداثيين أعلم أم الله؟ هل الإنسان ضابط للشريعة أم الشريعة هي التي تضبط أفعال الإنسان؟ إذا كان الإنسان هو من يؤول النصوص الشرعية كما يحب فما الفائدة من إرسال الرسل؟ هل النصوص الشرعية تفهم منقطعة عن سياقها؟ هل الحداثيين أعلم باللغة العربية ومدلولاتها من الصحابة الذين عاصروا الوحي أو حتى كفار قريش؟
ثانيا: أما عن الآية “وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ” {البقرة:184}، فهذا من قبيل التيسير على العباد وتدرج في فرض الصوم، وعليه فالمعنى أن الذين يستطيعون الصوم إذا أفطروا فإن عليهم فدية، وهذا كان في أول الأمر حين كان الصيام على التخيير فمن شاء صام، ومن شاء أفطر وفدى، فمعنى الآية: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية، ثم نسخت هذه الآية بقوله عز وجل “فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” ويدل على هذا المعنى ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع: قال: لما نزلت: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.
وقد جاء في التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور وهذا الكتاب هو نفسه الذي استدل به عبد المجيد الشرفي في إيراد شبهته ولكن التنويريين يقتطفون ما يحلوا لهم مقطوعا من السياق قال صاحب التحرير والتنوير: “نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ نَسَخَتْهَا آيَةُ شَهْرُ رَمَضانَ [الْبَقَرَة: ١٨٥] ثُمَّ أَخْرَجَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مَنْ يُطِيقُهُ وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا: “وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ”، وَرُوِيَتْ فِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ عَنِ التَّابِعِينَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ عَادَةِ الشَّارِعِ فِي تَدَرُّجِ تَشْرِيعِ التَّكَالِيفِ الَّتِي فِيهَا مَشَقَّةٌ عَلَى النَّاسِ مِنْ تَغْيِيرِ مُعْتَادِهِمْ كَمَا تَدَرَّجَ فِي تَشْرِيعِ مَنْعِ الْخَمْرِ.
[التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور/ (2/ 166، 167) / الدار التونسية للنشر ط 1984]
ثالثا: يتبجح (الشرفي) ويقول “حصل تأويل غريب بالنسبة إلى من ينظر في هذه المسألة بتجرد وهو أن الفقهاء اتفقوا على أن معنى «يطيقونه» هو «لا يطيقونه»““
من الواضح أن عبد المجيد الشرفي لا يعرف معنى (أتفق الفقهاء) لم يتفق الفقهاء ولا شيء كل ما في الأمر أن كلمة «يطيقونه» لها معنى في اللغة كما فَسَّرَهَا الْفَرَّاءُ بِالْجَهْدِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ
وقد قال الطاهر بن عاشور “فَعَلَى تَفْسِيرِ الْإِطَاقَةِ بِالْجَهْدِ فَالْآيَةُ مُرَادٌ مِنْهَا الرُّخْصَةُ عَلَى مَنْ تَشْتَدُّ بِهِ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ فِي الْإِفْطَارِ وَالْفِدْيَةِ. وَقَدْ سَمَّوْا مِنْ هَؤُلَاءِ الشَّيْخَ الْهَرِمَ وَالْمَرْأَةَ الْمُرْضِعَ وَالْحَامِلَ فَهَؤُلَاءِ يُفْطِرُونَ وَيُطْعِمُونَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يُفْطِرُونَهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، ثُمَّ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْهُمُ الْقَضَاءَ قَضَى وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْهُ لَمْ يَقْضِ مِثْلَ الْهَرِمِ”
رابعا: ثم يتبجح ويقول: ورغم ذلك فإن الفقهاء يقولون إن هذا الصوم ينبغي أن يكون من طلوع الفجر إلى غياب الشمس. أي أن الفقهاء المسلمين يرفضون في الحقيقة التكيف مع الأوضاع الجديدة“
يرد عليه الطاهر بن عاشور في نفس الكتاب الذي يحتج به فيقول صاحب التحرير والتنوير: “وَنُلْحِقُ بِالْهَرِمِ وَالْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ كُلَّ مَنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ أَوْ تَوَقُّعٌ ضُرٍّ مِثْلَهُمْ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْزِجَةِ وَاخْتِلَافِ أَزْمَانِ الصَّوْمِ مِنِ اعْتِدَالٍ أَوْ شِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ، وَبِاخْتِلَافِ أَعْمَالِ الصَّائِمِ الَّتِي يَعْمَلُهَا لِاكْتِسَابِهِ مِنَ الصَّنَائِعِ كَالصَّائِغِ وَالْحَدَّادِ وَالْحَمَّامِيِّ وَخِدْمَةِ الْأَرْضِ وَسَيْرِ الْبَرِيدِ وَحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ وَتَعْبِيدِ الطُّرُقَاتِ وَالظِّئْرِ.”
ومن هنا يتبين لنا إذا أحسنا الظن أن عبد المجيد الشرفي لم يقرأ تفسير الآية من كتاب التحرير والتنوير الذي يستند عليه في إيراد الشبهات فإذا كان كبيرهم بهذه السطحية فكيف يكون صغيرهم.
الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به هؤلاء.