تاريخ بني إسرائيل
إن بني إسرائيل لم يكونوا من أهل الشام وبالأخص لم يكونوا من أهل فلسطين ، وإذا نظرنا في جزور نسب بني إسرائيل نجد أن أباهم إبراهيم عليه السلام وهو (أبونا أيضا) كان من أهل العراق وقد خرج مهاجرا إلى الشام فهو مهاجر وليس صاحب أرض ولم يكن مكتشفا لهذه الأرض ولكنه عليه السلام لما وصل إلى الشام وجد أهلها فيها ساكنين مقيمين ، ولم يدعي أنه صاحب أرض.
ثم بعد ذلك هاجر يعقوب عليه السلام (إسرائيل) وأولاده ليوسف عليه السلام في مصر (ولم يكونوا من أهل مصر أيضا) ، ورحب بهم فرعون مصر في ذلك الحين (وكان من الهكسوس) رحب بهم لمكانة يوسف عليه السلام عنده حيث إنه أنقذ مصر من السنين العجاف ، ثم أسكنهم الفرعون في مصر ومات بها إسرائيل (يعقوب عليه السلام) ومات فيها أولاده الاثنا عشر وهم الأسباط ، وعاشوا فيها.
ثم سلط الله على ذراريهم فرعون (الحاكم المصري بعد طرد الهكسوس) فسامهم سوء العذاب، كان يقتل أبنائهم ويستحيي نسائهم، ثم بعد ذلك أنقذهم الله بموسى عليه السلام ليخرجهم من مصر، وكتب الله عليهم أن يدخلوا أريحا في فلسطين فامتنعوا من دخولها وقالوا “قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)” [المائدة ]، فكتب الله عليهم التيه أربعين سنة حتى مات الكبار الذين تربوا على الذل والمسكنة، ونشأ جيل الصغار نشأوا في حياة الشغف والارتحال، فكانوا هم الذين يستطيعون الجهاد.
كانوا مرتحلين دائما وليسوا من أهل الشام، وقال ربنا عز وجل ” وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)”[الإسراء] وكانت لهم دولتين الأولى: عندما حكمها داوود ثم سليمان ثم كان ملك الملوك في بلاد الشام، وهذا الأخير جاء بالفساد الأول المذكور ثم سلط الله عليهم بختنصر، والثانية: هي دولة الاحتلال القائمة ولنا الكرة عليهم بوعد الله لنا في كتابه.
الشبهة الوآهية للصهاينة
يقولون: إن الله كتب أرض فلسطين لموسى وقومهالـجوب: نعم كتب الله الأرض المقدسة لموسى وقومه قال تعالى: “ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ” [المائدة (21)]، ولكن نحن الأولى بموسى وقومه، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ… فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ)) [صحيح مسلم (2656)].
ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوارث لجميع الأنبياء، وقال ربنا عز وجل “إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ” [آل عمران (68)]، ومن المعلوم أن إبراهيم هو من بنى فلسطين وهو الذي بنى مدن الشام حتى دِمشق، إذا فنحن الأحق بميراث إبراهيم.
لا يحق لا أحد أن يقول للشعب الفلسطيني أن يتعايش مع الصهاينة المحتلين في فلسطين، لأنها ليست أرضا لليهود، وهذا يشبه أن تقول لصاحب المال دع السارق يتمتع بمالك معك.
وليست هذه قضية تعصب ديني؛ فالمسلمون متعايشين مع النصار من مئات السنين على هذه الأرض المقدسة منذ أن سلم النصارى مفاتيح القدس لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بإرادتهم ورحبوا بالمسلمين ودخل الكثير منهم في الإسلام وبقي من بقي من النصارى متعايشين في سلام على هذه الأرض، والمشاهد للساحة الفلسطينية يجد أن الاحتلال الصهيوني يؤذي النصارى كما يؤذي المسلمين.
الحكمة من احتلال فلسطين
قال الشيخ الددو: إن الله سبحانه وتعالى لما أراد أن يسلط على هذه الامة عدوا لم يشأن أن يجعله في طرف من الأطراف حتى لا ينساه المسلمون كما نسوا الاندلس وصقلية وجزر الملوك في إندونيسيا وغيرَها، لكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يزرعه في القلب لألا يُتناسى ويبقى الجهاد قائما وتبقى فلسطين بوصلة للمسلمين في كل مكان ويكون دفاع المسلمين عنه نابع عن عقيدتهم ودينهم، وأيضا من لطفه سبحانه وتعالى أنه اختار الشعب الجبارين الذين يصمدون أمام هذه المؤامرات وهذا الكيد الذي لا يمكن أيصبر أمامه شعب آخر فلو سلط ما سلط على أهل فلسطين على أي شعب من الشعوب في الأرض لخنعوا وخضعوا على خلاف ما يفعله شعب فلسطين الذي لا يخضع لغير الله ولا يزل ولو تآمرت عليه كل الدول وكلنا يعلم أن غزة حوصرت برا وبحرا ومن الجميع الجهات حتي تحت الأرض فقد ردموا الأنفاق وتكالبت عليهم الدول وظلوا محاصرين ثلاث عشرة سنة على صمودهم وكسروا الأعداء في أربعة حروب غزوهم فيها ومازالوا يطورون سلاحهم وما زالوا يرفعون لواء هذه الأمة ما زالت آمال الشعوب المسلمة منعقدة بها وقد عودونا أن القصف بالقصف وأن الأرض لا يتنازل عنها لا بالسلام ولا بغيره.
ومن حكمة الله أن تجمع القضية الفلسطينية الأمة الإسلامية بعد أن فرقت بسقوط الخلافة العثمانية
وجوب الجـهاد لتحرير فلسطين
لقد حث ربنا عز وجل على الجهاد في سبيله وقال “وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا” [النساء (75، 76)] فإن الكافرين كيدهم ضعيف لأنهم أعوان الشيطان وأتباعه.
ولا نغتر بسلاحهم ولا بمؤامراتهم فكله وبال عليهم فإن الله قال: “وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [البقرة (258)]
وقد حذر ربنا عز وجل من تولى الكافرين المحاربين والذين يعينوهم على الحرابة حيث قال: “إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” [الممتحنة (9)] ، وقال أيضا “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [المائدة: (51)]
المصادر
- القرآن الكريم
- صحيح مسلم
- دروس الشيخ الددو
- إظهار الحق (الشيخ/ رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي)
- اليهودية (الدكتور/ عوض الله جاد حجازي)